/3/الانتماء الصادق والتفاعل الايجابي شعارنا
/////////////////////////////////
هدف عرار
الانتماء والتفاعل
والمنافسة الشريفة
///////////////////////////////
*****************
********************
****************
الشاعر الكبير
مصطفى وهبي التل
رحمه الله
********************
التفاعل التربوي |
د . عبدالعزيز بن محمد النغيمشي |
قواعد التفاعل : قاعدة التبادل في العلاقات : قاعدة الحقوق والواجبات : أساليب وأنواع التفاعل أولاً : مجال المشاعر والمفاهيم : 2) الإخلاص والصدق في العلاقة بالناس : الإنسان الذي يريد أن يبني علاقة مؤثرة ومثمرة مع الآخرين لا بد أن يخلص في هذه العلاقة، والإخلاص عمل قلبي ينبعث من قلب الإنسان ومشاعره تجاه الآخرين ، حيث يحس بأهمية العلاقة وعمقها ، ويصدق في إقامتها من داخله أولاً ، ومن ثم ينعكس هذا الإخلاص والصدق على أقواله وأعماله عند الاحتكاك بالآخرين ، فيبادلونه الشعور ذاته ، ويتفاعلون معه . 3 ) الوعي بالقواعد التربوية التي تنشئ التفاعل : في كل عمل تربوي يحتاج المرء إلى زاد فكري وقاعدة من المعلومات المتعلقة به ، وللتفاعل التربوي نظريات وقواعد وأساليب ، لا بد أن يلم بها من كان حريصاً على قيام تربية متفاعلة ومؤثرة. ثانياً : مجال العمل والسلوك : 2 ) سلوك السيما والهيئة : ويتعلق بهيئة الفرد وملامح وجهه ، والطابع المميز لقسماته ، والسيما التي تغلب عليه عند ملاقاة الآخرين، والفرد إما أن يعرف بأريحيته وطلاقة وجهه وانبساط أساريره ، فيكسب الناس ويملك مشاعرهم ، وإما أن يكون مقطب الجبين ، عابس الوجه أو صلباً جامداً غير متفاعل في هيئته ، فيعرض عنه الناس ويجتنبوه ، أو يتعاملوا معه تعاملاً رسمياً وفق الحاجة ، أما التعامل التربوي المؤثر فلا بد فيه من مراعاة سلوك الهئية والسيما واعتبار ملامح الإنسان وقسمات وجهه عنصراً مهماً في التفاعل ، ورسالة لا غنى عنها للإذن بالاندماج أو عدمه . 3) السلوك التعاملي العادي : ويتعلق بطريقة الفرد المعتادة في التعامل ، وأسلوبه المتبع عند الاحتكاك بالآخرين من حيث الأمر والنهي ، والتوجيه والتكليف ، والنصح والتعليم ، ومن حيث مدى مراعاة اختلاف الأحوال والقدرات والإمكانات . 4) السلوك العلاجي : وهو السلوك الذي تواجه به المشكلات المستجدة والمواقف المفاجئة ، ويتعلق بطبيعة معالجة المربي لما يحدثه الناس من أمور غير متوقعة ، ولما يتخذونه من مواقف أو يقومون به من أعمال تثير الغيظ وتوغر الصدر أو تحمل على التشفي وإيقاع العقاب ، ويدخل في هذا ما يقع فيه المبتدئون والصغار والجهال من مخالفة للعرف أو تساهل بالنظام أو عدم اكتراث بمقامات الناس . 5) السلوك التعاوني : ويتعلق بطريقة المربي في التعامل مع احتياجات الآخرين المادية والصحية والنفسية والاجتماعية ، وبمدى إيجابيته في مجالات البذل والصلة والتفقد ، وبمدى مبادرته وكفاءته في أنشطة التكافل الاجتماعي ، فالفرد كلما كان عطوفاً متعاوناً بذولاً لماله وجاهه ووقته وجهده ، كلما مالت إليه قلوب الناس ، وأقبلت عليه وأحبته . 6) السلوك التكميلي ( الترفيه والدعابة والمزاح ) : ويتعلق بكماليات السلوك وملطفاته ، حيث يُتخذ من أساليب الترفيه ، وأنواع الترويح ما يُخَفف به ثقل التربية وجفافها وقسوة البيئة العلمية والعملية وجديتها . المصدر : موقع المسلم //////////////////////////// الانتماء والتواصل جاد الكريم الجباعي
1 - في مفهوم المواطنة الوطن والوطنية والمواطنة نسق أو نسل من المفاهيم السياسية والحقوقية والأخلاقية القديمة / الجديدة، أي التي أعيد إنتاجها بدلالة منطق الحداثة ومقولاتها المركزية كالإنسية والعقلانية والعلمانية والديمقراطية والمجتمع المدني والدولة السياسية، أي الدولة الحديثة. وهي كليات بسيطة مجردة من أي عنصر أيديولوجي ما لم تندرج في خطاب سياسي أو ثقافي معين بزمان المتكلم ومكانه. ولعلة من الصعب أن نقف على الدلالات الحقيقية لهذه الكليات ما لم نجردها من مضامينها وإيحاءاتها الأيديولوجية والقيمية أو المعيارية التي لا بست دلالاتها الحقيقية، وغلبت عليها منذ بدايات اليقظة السياسية في "العالم العربي"؛ فنقد الكلمات والتحرر من سحرها شرطان أوليان وضروريان للخروج من إسار الوعي الأيديولوجي، وأزعم أن الوعي السياسي العربي المعاصر يغلب عليه العنصر الأيديولوجي، إن لم نقل إنه وعي أيديولوجي بالتمام والكمال، لأن جذره هو الاعتقاد بالتمامية والكمال. منذ نشأت الدولة السياسية الحديثة وصفت بأنها دولة وطنية، أو قومية، وهما بمعنى واحد، وهذا الوصف يعني أنها تعبير عن كلية المجتمع وتجريد عموميته، وتحديد ذاتي للشعب، وشكل سياسي للوجود الاجتماعي، بكل ما ينطوي عليه هذا الوجود من تعدد واختلاف وتعارض. ومن ثم فإن الوطنية صفة للدولة وتحديد ذاتي لمواطنيها، ولم يكن ممكناً أن تكون كذلك لولا طابع الكلية والعمومية في الصفة والموصوف. الصفة في العربية، وفي غيرها من لغات بني آدم تابعة للموصوف في جميع أحواله، وهي تحديد وتعيين، وكل تحديد أو تعيين هو نفي أولاً وتقليص ثانياً: نفي لما كانت عليه "الدولة"، ونفي لما هي عليه، ونفي لكل ما يناقض كليتها وعموميتها؛ وتقليص لكلية الكائن وكونيته، فمواطنو دولة بعينها متماثلون مع غيرهم من مواطني الدول الأخرى في الحيثية الإنسانية، وهي حيثية حاكمة من المبدأ والمنطلق؛ وكل صفة هي تقليص للموصوف الذي لا يستنفد في صفة واحدة من صفاته؛ فالموصوف لا يعرف بتمامه إلا بجميع صفاته وحدوده وتعييناته. وما يعنينا هنا هو كون الوطنية صفة للدولة وتحديداً ذاتياً لمواطنيها، وليست حكم قيمة على هذا المواطن أو ذاك أو على هذه الفئة الاجتماعية أو تلك أو على هذا الاتجاه السياسي أو ذاك، كما هو شائع عندنا. والوطنية، على الصعيد القانوني، ترادف "الجنسية"، فجميع الذين يحملون جنسية دولة معينة هم مواطنوها، بغض النظر عن انتماءاتهم الإثنية أو اللغوية أو الثقافية أو الدينية أو المذهبية، ناهيكم عن العشائرية والجهوية وما إليها، وبغض النظر عن اتجاهاتهم وميولهم الفكرية والأيديولوجية والسياسية. ويمكن القول إن الوطنية هي التحديد الأخير لمواطن دولة ما، وهو تحديد لا ينفي عن المواطن المعني انتماءه الإثني أو اللغوي أو الديني أو المذهبي .. ولكنه ينفي أن يكون هذا الانتماء ما قبل الوطني هو ما يحدد علاقته بالدولة ويعيِّن من ثم حقوقه التي هي واجبات الدولة وواجباته بما هي حقوق الدولة وحقوق المجتمع. ينتج من ذلك أن المواطنة علاقة بين الفرد/المواطن والدولة، علاقة ذات مضامين اجتماعية واقتصادية وثقافية وسياسية وحقوقية وأخلاقية، وأنها من ثم صفة لا تقبل التفاوت والتفاضل، فليس هناك في الدولة المعنية من هو مواطن أكثر أو أقل من الآخر، الأكثر والأقل ينفيان بالتساوي صفة المواطنة. ونفي صفة المواطنة عن أي من أعضاء الدولة السياسية، بغير حق، أي بغير سند قانوني، يعادل نفي صفة الوطنية عن الدولة ذاتها[1]. والسلطات السياسية التي تحتكر "الوطنية" وتحتكر "الحقيقة" فضلاً عن الاحتكارات الأخرى، وترمي معارضيها باللاوطنية تنفي الوطنية عن نفسها وعن الدولة التي سيطرت على مقدراتها بالقوة العارية. والمساواة في المواطنة لا تعني المساواة في الثروة والقدرة أو في الملكات والمواهب، بل تعني المساواة أمام القانون، بغض النظر عن سائر الفروق. ولما كانت الدولة الحديثة تجريداُ لكلية المجتمع المدني وعموميته وتحديداً ذاتياً للشعب، وشكلاً سياسياً للوجود الاجتماعي، فإنها لذلك كله المعادل السياسي الموضوعي للأمة[2]. والوطنية هي التعبير المرادف للهوية بوصفها جدل الانتماء والتواصل، ولا يجوز قصرها على أحد هذين الحدين وإلا تحولت إما إلى هوية حصرية وانثنائية وإقصائية لا تنتج سوى الاستبداد، كالانتماء إلى أصل مفترض أو إلى دين أو مذهب أو إلى غير ذلك من الانتماءات الحصرية، وإما إلى كوسموبوليتية جوفاء وبلا جذور. قوام الهوية الحية هو جدل الانتماء والتواصل الذي يتجلى في المجتمع المدني والدولة الوطنية بالتلازم الضروري[3]. وهذا الجدل هو نفسه ما يرقى بالمجتمع المدني والدولة السياسية إلى المجتمع المؤنسن أو الجماعة الإنسانية بتعبير كارل ماركس. وقد أشرنا غير مرة إلى أن المجتمع المدني هو التجسيد العياني للأمة. التواصل هو الذي يرقى بالانتماء إلى مستوى الانتماء إلى الجماعة الإنسانية، والانتماء هو الذي يمنح التواصل معنى واتجاهاً ويؤسسه في واقع التنوع والاختلاف. وكل علاقة لا بد أن تفضي إلى تأثيرات أو تغييرات معينة في طرفيها معاً، أو في أطرافها جميعاً. وليس تثاقف الأمم والشعوب وتعارفها إلا من هذا القبيل. اتسمت الأزمنة الحديثة بالانتقال من التشظي والتناثر إلى المركزية، ومن الانتماءات والولاءات الحصرية، الطبيعية وشبه الطبيعية، إلى المواطنة، ومن التبعية إلى الاستقلال والحرية، ومن نظام الامتيازات وتسلسل الولاءات الشخصية إلى حكم القانون، أي من ما قبل الدولة الوطنية، إلى الدولة الوطنية. فالدولة الوطنية المركزية والمواطنة والاستقلال والحرية وحكم القانون هي مقومات الوطنية الفعلية، وأهم معالم الحداثة، بكل ما لها وما عليها. الوطنية في الخطاب السياسي العربي الحديث والمعاصر، ولا سيما في الخطاب القومي، تحيل على الانتماء، أي على الهوية الثابتة الحصرية والانثنائية والإقصائية، وتقابلها النزعة الأممية الجوفاء للأحزاب الشيوعية العربية والنزعة ما فوق الوطنية للجماعات الإسلامية. ويخطئ من يظن أن "الأممية الشيوعية" التي خبرناها والإسلاموية القائمة بين ظهرانينا تقومان على مبدأ التواصل، لا على مبدأ الانتماء المغلق الطارد والنافي. والدليل على ذلك سهولة التنقل والترحال بين هذه العوالم المغلقة والانتماءات الحصرية الشبيهة بالانتماء العشائري أو الديني أو المذهبي أو الإثني. وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم الوطنية أو القومية التبس، في الوعي السياسي العربي، بالحركة الوطنية أو الحركة القومية، أي بالأحزاب والتيارات التي نسبت نفسها إلى الوطنية أو إلى القومية وقصرتهما عليها. وأزعم أن مفهوم المواطنة كان ولا يزال غائباً عما يسمى "الحركة القومية"، وعن الوعي السياسي العربي بوحه عام. وهو في جميع الأحوال، وبغض النظر عن هذه الملاحظة مفهوم حديث، ووافد إذا شئتم، مع أنه يحيل في العربية على المشاركة في المكان. ميز أفلاطون الفرد المسوق بسائق حاجاته ورغباته وأهوائه ونزواته من المواطن الذي يتعلق بقيم الخير والحق والجمال ويتطلع إلى الحرية والعدالة والمساواة. وفي ضوء هذا التمييز يبدو لنا الفرد أساس المجتمع المدني والمواطن أساس المجتمع السياسي؛ ولذلك فإن مجرد الإقامة في المكان لا تعد مواطنة بأي حال من الأحوال. بعد أفلاطون حدد أرسطو المواطن بأنه عضو الدولة، وأشار إلى أن محتوى هذا المفهوم ودلالاته يختلفان بحسب نظام الحكم؛ "إذ يكثر ما يكون المواطن موضوع جدل، من حيث أن الجميع لا يتفقون على كون المواطن شخصاً واحداً (معيناً)، فقد يتفق مراراً في حكم الأقلية ألا يعتبر مواطناً من هو مواطن في الحكم الشعبي"[4]. ولا يكون المرء مواطناً بمجرد سكناه في البلاد، "لأن النزلاء والأرقاء يشاطرونه تلك السكنى" وليسوا مواطنين. "والذين يشتركون في حقوق الدولة اشتراكاً فعلياً يمكنهم من المرافعة ويخضعهم للمحاكمة ليسوا هم أيضاً من قبل ذلك مواطنين"، لأن ذلك أمر مضمون لمن تشركهم المعاهدات في تلك الحقوق". "والأولاد الذين لم يُحصوا بعد، لحداثة سنهم، والشيوخ الذين أطلق سراحهم ينبغي أن نعترف بكونهم مواطنين من بعض الوجوه، وإن لم يكونوا مواطنين دونما قيد أو حصر. ولذا نضيف أن أولئك مواطنون لم يكتملوا بعد، وأن هؤلاء مواطنون قد فات أوانهم، أو ننعتهم بشيء آخر من هذا النحو ... وفي وسع المرء أن يشير بشأن الساقطين من حقوقهم المدنية والمشردين صعوبات تقرب من الصعوبات الآنفة الذكر، وفي وسعه أيضاً أن يلقى لها حلولاً مماثلة"[5]. "أما المواطن البحت فليس له من بين الحدود الأخرى حد أفضل من كونه يشترك في القضاء والسلطة". سواء كانت السلطة محدودة بوقت معين ولا يليها الشخص نفسه إلا مرة واحدة، أو غير محدودة بوقت معين كسلطة القاضي وسلطة العضو في مجلس الأمة. تبدو طريقة أرسطو في التحديد والتعريف واضحة، فقد أخرج من دائرة التعريف كل من لا تطلق عليه صفة المواطن وصولاً إلى تحديد المواطن البحت تحديداً إيجابياً بأنه من يشترك في القضاء والسلطة. فكل عضو في الدولة يحق له أن يشترك في القضاء والسلطة، سواء كانت هذه الأخيرة تشريعية أم تنفيذية، أي إنه عضو في إحدى هذه السلطات بالقوة، ويمكن أن يصير عضواً فيها بالفعل. بل يذهب أرسطو إلى أن المواطن هو من يشترك في سلطة غير محدودة، وما ذلك سوى لأهمية السلطتين التشريعية والقضائية في نظره. وتبدو لنا قيمة هذا التحديد في كونه انطلق من المواطن المفرد، أي من الفرد السياسي، لا من الجمع، فليس ثمة جمع بلا مفرد. المفرد هو الموجود الفعلي المباشر الذي تتعلق به جميع الصفات والمحمولات، وتتجلى فيه ماهية الإنسان الكلية. وهذا الفرد السياسي، المواطن، هو أساس الدولة السياسية، أساس الجمهورية. فهو يقول: "فمن هذه الاعتبارات قد اتضح إذن من هو المواطن. ونحن الآن ندعو مواطن دولة من له في تلك الدولة حق الاشتراك في السلطة الاستشارية وفي السلطة القضائية. والدولة جماعة تتألف من أمثال هذا الشخص، قادرة بوجيز القول على الاكتفاء الذاتي في مرافق الحياة"[6]. فضيلة المواطن عند أرسطو هي الاشتراك في المواطنة لتحقيق مصلحة عامة وغاية جماعية؛ "فكما نقول إن الملاح هو أحد الشركاء في الملاحة كذلك نقول إن المواطن هو أحد الشركاء في الوطنية. والبحارة متباينون في حذقهم: فهذا جذَّاف يضرب بالمقذاف وذاك مدير لدفة السفينة وآخر قائم على حركات مقدمها وغيره قد نال لقباً آخر يدل على مهنته، ومن ثم يتضح أن السبب الأساسي لوظيفة كل منهم هو العلة الخاصة لفضيلته، كما أن هناك سبباً عاماً يلائم كيان الجميع، لأن سلامة الإبحار هي عملهم أجمعين، إذ كل منهم يتوق إليها ويلتمسها. فشأنهم في ذلك كشأن المواطنين، فسلامة هؤلاء على اختلاف طبقاتهم هي من مفاعيل اشتراكهم. وما النظام السياسي سوى شركة. ولذا وجب ضرورة أن تهدف فضيلة المواطن إلى النظام السياسي"[7]. وما دام الأمر منوطاً بالنظام السياسي فإن كل مواطن يقوم بوظيفة ضرورية للآخرين، فلا أقل من أن يتقن كل مواطن عمله ويقوم بما أوكل إليه حتى تكون الدولة فاضلة بفضائل مواطنيها. والمواطن الجدير بالاعتبار هو من يحسن الرئاسة والخضوع، أي من بوسعه أن يكون حاكماً ومحكوماً في الوقت ذاته؛ حاكم لأنه من يضع القوانين، ومحكوم لأنه من يحترمها ويطيعها. ومن لا يتعلم احترام القوانين والتزامها لا سبيل إلى أن يحسن الرئاسة. الطاعة والرئاسة فضيلتان سياسيتان يحسن بجميع المواطنين تعلمهما. وقوامهما العفة والعدل والفطنة، وهذه الأخيرة هي فضيلة الرؤساء خاصة. المواطنون هم من لا قوام للدولة بدونهم. في زمن أرسطو وقبله لم تكن صفة المواطن تطلق إلا على الرجال الأحرار المعفين من القيام بالأعمال الضرورية التي كانت وقفاً على الأرقاء والعبيد والصناع وأهل الحرف. ولكن مع أخذ هذه الواقعة في الحسبان تكتسي الحدود التي وضعها أرسطو للمواطنة أهمية خاصة، ولا سيما حد الحرية. فليس من الحكمة أن نشيح عن هذه الحدود أو ننصرف عنها أو نستهين بها بحجة التفاوت الاجتماعي، وانقسام المجتمع آنذاك إلى عبيد وأحرار. بل إن التعريف الذي وضعه أرسطو للعبد من شأنه أن يحفز الناس في زماننا على رفض العبودية السافرة والمقنعة؛ فالعبد عند أرسطو هو "من ضعف روحه وقلت حيلته فأتبع نفسه لغيره". فالاستتباع والتبعية سمتان رئيستان من سمات المجتمع العبودي، والتبعية العمياء خاصة هي من أبرز سمات العبودية. والتبعية والولاء الشخصي أو الديني أو المذهبي أو العشائري أو الحزبي أو الأيديولوجي صنوان. إنهما معاً ضرب من عبودية مقنعة يتوهم معهما الفرد التابع أو الموالي، ولا فرق، أنه حر ومستقل، وهو ليس كذلك بالفعل. لنقل إن مبدأ المواطنة الحديث نقيض مبدأ التبعية والولاء الشخصي الذي وسم العصور الوسطى الإقطاعية. وأنه ليس من ضمانة للمواطنة سوى القانون.
//////////////////// |